عندما تتابع أولمبياد لندن تحس أننا فى واد والعالم فى واد آخر، مشكلة العرب فى الأولمبياد هى لاعبة الجودو السعودية وجدان شهرخانى وهل تلعب بالحجاب أم لا؟ أما مشكلة العالم الآخر فهى لاعبة السباحة الصينية يى شيوين ذات الستة عشر ربيعاً وهل هى معدلة وراثياً أم لا، هل لعب علماء الصين فى جيناتها الوراثية أم لا؟!! هذه هى مشاكلنا وهذه هى مشاكلهم، الجسد عندنا عورة وعبء ورجس ونجاسة، الجسد عندهم طاقة وجمال وتناسق ورشاقة، الجسد عندنا قمع وقهر وعيب وحرام، الجسد عندهم حرية وإبداع وتجاوز وانتصار، الجسد عندنا جريمة لا بد أن تلتف بالأكفان والأغطية وتحنط فى الفورمالين، الجسد عندهم لوحة تشكيلية ترسم بريشة الرياضة وألوان الحب، لا بد أن ترقص الباليه وتقفز الحواجز وتطير وتغطس وتفرح وتبتهج.

عندما نشاهد فتيات الباليه المائى يتراقصن كالفراشات الملونة هل تتحرك فينا أحاسيس الشهوة أم أحاسيس الاستمتاع بالجمال التى تجعلنا نهتف الله؟! ومن تتحرك فيه أحاسيس الشهوة الجنسية من رؤية تلك الفتيات ليغرق فى تهاويم أفلام البورنو لا بد له أن يتجه إلى أقرب طبيب نفسى ولا يفرض علينا ذوقه الهابط وأمراضه وعقده النفسية تحت لافتة الشعارات الدينية مختبئاً خلف حصن الحرام والحلال، من يركز على خيالاته الجنسية ولا يرى جمال الجسد ورشاقته أثناء قفزة الغطس أو يراقب سيقان لاعبة التنس من خلف «الجيبة» وهى تتصدى لرد السيرف فهو بنى آدم ينقصه الكثير من الرقى الإنسانى ولا يستحق أن يحكمنى بمعاييره المعتلة، من منا لا يستمتع بإيقاع الجسم الإنسانى المعجز فى وثبة الجمباز وحركة عضلاته أثناء تلك الثوانى التى تمثل غفوة الحلم الإنسانى النبيل التى نسرقها من الزمن، من منا لا يرى فى الرقص على الجليد إعجازاً، من منا لا يرى فى السباحة القصيرة قمة التحدى، من منا لا يرى فى ألعاب القوى وتحطيم الأرقام القياسية صراعاً مشروعاً مع الطبيعة التى تحاول تحنيطنا وشرنقتنا فى قوالب مصمتة ويكسب الرياضى الصراع ضدها بالعلم والجهد والعرق؟!

بمناسبة العلم، فقد بدأت مصطلحات علم البيولوجى والهندسة الوراثية تقتحم عالم الأولمبياد، فالأمريكان قد خدش الصينيون هيبتهم الرياضية وأصابوهم بالرعب، وكما يرفض الأمريكان الاعتراف بقوة وعظمة التنين الأصفر فى عالم الاقتصاد والسياسة أو بالأصح من فرط الغرور والثقة يتغافلون عمداً عن هذه القوة، فهم فى مجال الرياضة يسلكون نفس السلوك، ولذلك عندما حققت السباحة المعجزة يى شيوين أرقامها وزمنها القياسى الرهيب الذى كسرت به رقمها الشخصى بخمس ثوان، والأخطر والمدهش أكثر أنها تجاوزت رقم الرجال بثانية وكسرت أسطورة تفوق الرجل الرياضى على المرأة، خرج علينا الأمريكان مهللين «إنها المنشطات»، ردت عليهم تقارير لجان المراقبة وأخرستهم، عندها خرج البعض باختراع جديد وهو أن جسد هذه السباحة معدل وراثياً بحيث يكتسب عضلات أقوى ورئة أوسع ودورة دموية أنشط تحمل «أوكسجين» أكثر!، ولن ينام الأمريكان الليل قبل أن يجندوا كل طاقاتهم الاستخباراتية لتحطيم تلك السباحة المعجزة أو فى النهاية وعند وصولهم إلى حافة اليأس سيمنحونها الجنسية الأمريكية لتلعب باسمهم فى الدورة القادمة!